الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
قال في المغرب: العصبة قرابة الرجل لأبيه وكأنها جمع عاصب، وإن لم يسمع به، من عصبوا به إذا أحاطوا حوله ثم سمي بها الواحد والجمع والمذكر والمؤنث للغلبة وقالوا في مصدرها العصوبة، والذكر يعصب المرأة أي يجعلها عصبة ا هـ. فالعصبات جمع الجمع كالجمالات أو جمع المفرد على جعل العصبة اسما تأمل (قوله: وعصبة بغيره وعصبة مع غيره) سيأتي بيان الفرق بينهما (قوله: فالأنثى لا تكون عصبة بنفسها إلخ) أشار إلى أنه خرج بقوله: وهو كل ذكر العصبة بالغير، والعصبة مع الغير فإنهما إناث فقط وأما المعتقة، فهي وإن كانت عصبة بنفسها، فهي ليست نسبية، والمقصود العصبات النسبية كما أشار إليه أولا، ولذلك خرج المعتق أيضا (قوله: لم يدخل إلخ) المراد عدم توسط الأنثى سواء توسط بينه وبين الميت ذكر كالجد وابن الابن أو لا كالأب والابن الصلبي (قوله: كولد الأم) أي الأخ لأم وأما الأخ لأب وأم، فإنه عصبة بنفسه مع أن الأم داخلة في نسبته. وأجيب بأن المراد من لا ينتسب بالأنثى فقط، وأجاب السيد بأن قرابة الأب أصل في استحقاق العصوبة، فإنها إذا انفردت كفت في إثبات العصوبة، بخلاف قرابة الأم، فإنها لا تصلح بانفرادها علة لإثباتها فهي ملغاة في استحقاق العصوبة لكنا جعلناها بمنزلة وصف زائد فرجحنا بها الأخ لأب وأم على الأخ لأب ا هـ. أقول، وهذا أولى من قول بعضهم إنه خرج بقوله في نسبته حيث لم يقل في قرابته فإن الأنثى داخلة في قرابته لأخيه لا في نسبته إليه، لأن النسب للأب فلا يثبت بواسطة غيره ا هـ. فإنه يرد عليه أن المعتبر هنا النسبة إلى الميت لا إلى الأب، فالمراد بها القرابة لا النسب الشرعي، وإلا لزم أن لا تكون العصبة إلا إذا كان الميت أبا أو جدا فيخرج الأخ والعم ونحوهما فافهم. ثم رأيت العلامة يعقوب قد زيف هذا الجواب وأخرجه عن دائرة الصواب بنحو ما قلناه والحمد لله. وبالجملة فتعريف العصبة لا يخلو عن كلام ولو بعد تحرير المراد فإنه لا يدفع الإيراد، ولذا قال ابن الهائم في منظومته: وليس يخلو حده عن نقد فينبغي تعريفه بالعد وأيضا فتخصيصه بالعصبة النسبية لا داعي له، وقد عرفه العلامة قاسم في شرح فرائض المجمع بقوله هو ذكر نسيب أدلى إلى الميت بنفسه أو بمحض الذكور أو معتق فقوله أو معتق بالرفع عطفا على " ذكر "، ولو حذف " محض " لكان أولى ليدخل الأخ الشقيق وبعد هذا ففيه نظر فتدبر. (قوله: فإنه ذو فرض) أي فقط وإلا فلا يلزم من كون وارث ذا فرض أن لا يكون عصبة فإن كلا من الأب والجد ذو فرض ويصير عصبة (قوله: أي جنسها) أي قال للجنس فتبطل معنى الجمعية، فيشمل ما إذا كان هناك فرض واحد وحاز الباقي بعد إعطائه لمستحقه ط (قوله: بجهة واحدة) قال في المنح: قيدنا به حتى لا يرد أن صاحب الفرض إذا خلا عن العصوبة قد يحرز جميع المال لأن استحقاقه لبعضه بالفرضية والباقي بالرد (قوله: جزء الميت إلخ) المراد في الجميع الذكور كما هو الموضوع (قوله: ثم جزء جده) أراد بالجد ما يشمل أبا الأب، ومن فوقه بدليل قوله الآتي: وإن علا فلا يرد أن عم الأب وعم الجد في كلامه الآتي خارجان عن الأصناف الأربعة (قوله: ويقدم الأقرب فالأقرب إلخ) أي الأقرب جهة ثم الأقرب درجة ثم الأقوى قرابة فاعتبار الترجيح أولا بالجهة عند الاجتماع، فيقدم جزؤه كالابن وابنه على أصله كالأب وأبيه ويقدم أصله على جزء أبيه كالإخوة لغير أم وأبنائهم، ويقدم جزء أبيه على جزء جده كالأعمام لغير أم وأبنائهم وبعد الترجيح بالجهة إذا تعدد أهل تلك الجهة اعتبر الترجيح بالقرابة، فيقدم الابن على ابنه والأب على أبيه والأخ على ابنه لقرب الدرجة، وبعد اتحاد الجهة والقرابة يعتبر الترجيح بالقوة، فيقدم الأخ الشقيق على الأخ لأب، وكذا أبناؤهم، وكل ذلك مستفاد من كلام المصنف، وصرح به العلامة الجعبري حيث قال: فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا (قوله: ويكون إلخ) الأولى ذكر هذا عند ذكر الأب فيما تقدم كما فعله الشارح ط (قوله: ثم الجد الصحيح) هو من لم يدخل في نسبته إلى الميت أنثى (قوله: وهو أب الأب) الأولى رسم أبو بالواو بناء على اللغة المشهورة من إعرابه بالحروف (قوله: ثم لأب) أي ثم الأخ لأب أما الأخ لأم فذو فرض فقط كما مر (قوله: لأبوين) متعلق بمحذوف حال من الضمير (قوله: قيل وعليه الفتوى) قاله صاحب السراجية في شرحه عليها كما سيأتي وقد أشار إلى أن المعتمد الأول وهو مذهب الصديق رضي الله عنه (قوله: كذلك) أي لأبوين ثم لأب وهو في موضع الحال من عم الأب وعم الجد (قوله: وإن سفلا) أي ابن عم الأب وابن عم الجد (قوله: فأسبابها) أي العصوبة (قوله: وبعد ترجيحهم إلخ) أي ترجيح أهل كل صنف من الأصناف الأربعة بقرب الدرجة كترجيح الإخوة مثلا على أبنائهم يرجح بقوة القرابة إذا تفاوتوا فيها كالأخ الشقيق مع الأخ لأب كما مر (قوله: بأبوين وأب) متعلق بالتفاوت وقوله كما مر حال منه، وقوله بقوة القرابة متعلق بيرجحون. (قوله: كالشقيقة إلخ) فيه أن الكلام في العصبة بالنفس وهذه عصبة مع الغير لكن قال السيد: إنما ذكرها هنا وإن لم تكن عصبة بنفسها لمشاركتها في الحكم لمن هو عصبة بنفسه (قوله: «إن أعيان بني الأم» إلخ) تمام الحديث: «يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه» رواه الترمذي وابن ماجه ا هـ. قاسم وسيذكر الشارح أن بني الأعيان الإخوة لأب وأم سموا بذلك لأنهم من عين واحدة أي أب وأم واحدة وأن بني العلات الإخوة لأب سموا بذلك لأن الزوج قد عل من زوجته الثانية، والعلل الشرب الثاني يقال عله إذا سقاه السقية الثانية، وأما الإخوة لأم فهو بنو الأخياف كما سيأتي والظاهر أن المراد ببني الأم في الحديث ما يشمل الإخوة لأب وأم والإخوة لأم فقط، وأن المراد بأعيانهم القسم الأول يدل عليه قوله في المغرب أعيان القوم أشرافهم ومنه قولهم للإخوة لأب وأم بنو الأعيان ومنه حديث: «أعيان بني أم يتوارثون» ا هـ. وقال السيد: والمقصود بذكر الأم هاهنا إظهار ما يترجح به بنو الأعيان على بني العلات ا هـ. أي لأنهم زادوا عليهم بقرابة الأم ولذا كانوا أعيانا (قوله: البنات) اسم يصير مؤخر وخبره قوله عصبة بغيره وقوله بالابن قيد به لأنهن عند عدمه صاحبات فرض دائما وابن الابن لا يعصب ذات فرض (قوله: وإن سفلوا) أي بنات الابن وابن الابن (قوله: بأخيهن) أي المساوي لهن قرابة درر البحار قال الطوري: وفي كشف الغوامض ولا يعصب الشقيقة الأخ لأب إجماعا لأنها أقوى منه في النسب بل تأخذ فرضها ولا يعصب الأخت لأب أخ شقيق بل يحجبها لأنه أقوى منها إجماعا ا هـ. وفي منظومة المصنف المسماة تحفة القرآن: ولا ترث أخت له من الأب مع صنوه الشقيق فاحفظ تصب وذكر في شرحها عن الجواهر أن بعضهم ظن أن للأخت النصف وهذا ليس بشيء ا هـ. (قوله: ذوات النصف والثلثين) خبر بعد خبر أو بدل من أربع أي من لهن النصف إذا انفردن والثلثان إذا تعددن، وهن البنت وبنت الابن والأخت لأبوين أو لأب قيل كان الواجب أن تذكر الأم مع الأب فإنه يعصبها إذا كانا مع أحد الزوجين كما مر. وأجيب: بأن أخذها الثلث الباقي بطريق الفرض لا التعصيب وأشار إلى ما في السراجية وشرحها من أن من لا فرض لها من الإناث وأخوها عصبة لا تصير عصبة بأخيها كالعم والعمة إذا كانا لأب وأم أو لأب وكان المال كله للعم دون العمة وكذا في ابن العم مع بنت العم وفي ابن الأخ مع بنت الأخ ونظمت ذلك بقولي: ولم يعصب غير ذات سهم أخ كمثل عمة وعم (قوله: ولو حكما) تعميم للأخ بالنظر إلى بنت الابن فإن عصوبتها لم تختص بأخيها فقط فإنها تصير عصبة به وبابن عمها، وبمن هو أسفل منها إذا لم تكن ذات فرض كما سيأتي بيانه. (قوله: الأخوات مع البنات) أي الأخوات لأبوين أو لأب، أما الأخت لأم فلا يعصبها أخوها، وهو ذكر فعدم كونها عصبة مع الغير أولى (قوله: لقول الفرضيين إلخ) جعله في السراجية وغيرها حديثا قال في سكب الأنهر: ولم أقف على من خرجه، لكن أصله ثابت بخبر ابن مسعود رضي الله عنه وهو ما رواه البخاري وغيره في بنت وبنت ابن وأخت للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، وما بقي فللأخت وجعله ابن الهائم في فصوله من قول الفرضيين وتبعه شراحها كالقاضي زكريا وسبط المارديني وغيرهما ا هـ. [تنبيه] الفرق بين هاتين العصبتين أن الغير في العصبة بغيره، يكون عصبة بنفسه فتتعدى بسببه العصوبة إلى الأنثى وفي العصبة مع غيره، لا تكون عصبة أصلا، بل تكون عصوبة تلك العصبة مجامعة لذلك الغير سيد، وفيه إشارة إلى وجه اختصاص الأول بالباء والثاني بمع. قال في سكب الأنهر: الباء للإلصاق والإلصاق بين الملصق والملصق به لا يتحقق إلا عند مشاركهما في حكم الملصق به، فيكونان مشاركين في حكم العصوبة، بخلاف كلمة مع فإنها للقران والقران يتحقق بين الشخصين بغير المشاركة في الحكم كقوله تعالى: {وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا} أي وزيره حيث كان مقارنا به في النبوة وكلفظ القدوري ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام: أي فاتته الصلاة المقارنة بصلاة الإمام لا أن تفوتهما معا فتكون هي عصبة دون ذلك الغير، وقال بديع الدين في شرح السراجية: الفرق أن مع قد تستعار للشرط، والباء للسبب ا هـ. (قوله: كما بسطه العلامة قاسم) أي في تصحيح القدوري نقلا عن الجواهر، حيث قال إن كانت الملاعنة حرة الأصل فالميراث لمواليهما وهم إخوتهما وسائر عصبة أمهما، وإن كانت معتقة فالميراث لمعتقها ونحوه ابن المعتق وأخوه وأبوه فقوله: لمواليهما يتناول المعتق وغيره وهو عصبة أمهما ا هـ. ونحوه في الجوهرة أقول: وهذا مخالف لما ذكره شراح الكنز وغيرهم قال الزيلعي ولا يتصور أن يرث هو أو يورث بالعصوبة إلا بالولاء أو الولاد فيرثه من أعتقه أو أعتق أمه أو من ولده بالعصوبة وكذا هو يرث معتقه أو معتق معتقه أو ولده بذلك ا هـ. فهو صريح في أنه إذا كان هو أو أمه حر الأصل فلا يرث أو يورث بالعصوبة إلا إذا كان له ولد أي ابن أو ابن ابن، وقال في معراج الدراية: ثم لا قرابة له من قبل أبيه، ولو قرابة من جهة أمه، فلا تكون عصبة أمه عصبته، ولا أمه عصبة له عند الجمهور وعن ابن مسعود أن عصبة أمه عصبته، وعنه في رواية أخرى: أن أمه عصبته لما روى واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تحرز المرأة ثلاث مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه» وقلنا الميراث إنما يثبت بالنص ولا نص في توريث الأم أكثر من الثلث ولا في توريث أخ من أم أكثر من السدس، ولا في توريث أبي الأم ونحوه من عصبة الأم، ولأن العصوبة أقوى أسباب الإرث والإدلاء بالأم أضعف، فلا يجوز أن يستحق به أقوى أسباب الإرث وفي الحديث بيان أنها تحرز والإحراز لا يدل على العصوبة، فإنه يجوز أن تحرز فرضا وردا لا تعصيبا. وأما حديث: «عصبته قوم أمه» فمعناه في الاستحقاق بمعنى العصوبة: وهي الرحم لا في إثبات حقيقة العصوبة ا هـ. ملخصا. وقال في المجتبى شرح القدوري قوله: وعصبة ولد الزنا وولد الملاعنة مولى أمهما. معناه والله أعلم: أن الأم ليست بعصبة له ولا عصبة الأم كما ذهب إليه ابن مسعود رضي الله عنه، إنما عصبته مولى الأم إذا كان لها مولى وما ذهب إليه أصحابنا مذهب علي وزيد بن ثابت رضي الله عنهما ووجهه أن الأم لما لم تكن عصبة في حق غير ولد الزانية والملاعنة، فكذا في حقه كذوي الأرحام ا هـ. (قوله: لأنه لا أبا لهما) تعليل للمتن وزاد في الاختيار ما نصه والنبي صلى الله عليه وسلم ألحق ولد الملاعنة بأمه فصار كشخص لا قرابة له من جهة الأب، فوجب أن يرثه قرابة أمه ويرثهم، فلو ترك بنتا وأما والملاعن، فللبنت النصف وللأم السدس والباقي يرد عليهما كأن لم يكن له أب وهكذا لو كان معهما زوج أو زوجة فإنه يأخذ فرضه والباقي بينهما فرضا وردا، ولو ترك أمه وأخاه لأمه وابن الملاعن فلأمه الثلث ولأخيه لأمه السدس والباقي مردود عليهما، ولا شيء لابن الملاعن لأنه لا أخا له من جهة الأب وإذا مات ولد ابن الملاعنة ورثه قوم أبيه، وهم الإخوة ولا يرثه قوم جده أعني الأعمام وأولادهم وبهذا يعرف بقية مسائله ا هـ. ومثله في المنح أقول: وهذا مؤيد لما قدمناه حيث جعل لأمه الثلث، ولأخيه لأمه السدس مع أن أخاه عصبة الأم، فلو كان عصبة أمه الحرة عصبة له لأخذ الباقي بعد فرض الأم. (قوله: ويفترقان إلخ) كذا قاله في الاختيار وتبعه في المنح وسكب الأنهر وغيرهما. أقول: وهو خلاف ما جزم به الشارح في آخر باب اللعان حيث ذكر أن ولد الملاعنة يرث من توأمه ميراث أخ لأم أيضا، ومثله في البحر عن شهادات الجامع، وقال في معراج الدراية: ولد الملاعنة إذا كان توأما فعندنا وعند الشافعي وأحمد، والجمهور هما كالأخوين لأم وقال مالك: كالأخوين لأبوين ثم ذكر الدليل والتفاريع فراجعه وهذا صريح في أن ما ذكره الشارح هنا مذهب مالك تأمل. (قوله: وتختم العصبات إلخ) أي ختما إضافيا وإلا فالختم في الحقيقة بعصبة المعتق، ثم إن هذا بيان للقسم الثاني، وهو العصبة السببية، ولا يخفى أن المعتق عصبة بنفسه لا بغيره، ولا مع غيره لكن ربما يتوهم بناء على أنه عصبة بنفسه تقدمه على العصبة بغيره أو مع غيره من النسب، فأشار بهذه العبارة إلى تأخره عن أقسام العصابات النسبية بأسرها لأن النسبي أقوى من السببي، فلذا غير الأسلوب وإلا فالظاهر المناسب لما سبق أن يقول والعصبة السببية مولى العتاقة أفاده يعقوب (قوله: أي المعتق) الأولى مولى العتاقة كما أوضحناه فيما مر (قوله: ثم عصبته بنفسه إلخ) أفاد أن عصبة عصبة المعتق لا ترث كما بيناه سابقا، واحترز بالعصبة عن أصحاب فروض المعتق كبنته وأمه وأخته فلا يرثون لأنه لا مدخل للفرض في الولاء، وقيد العصبة بنفسه احترازا عن العصبة بغيره، ومع غيره كما سيأتي، وقدمنا أن من شرائط ثبوت الولاء أن لا تكون الأم حرة الأصل، فإن كانت فلا ولاء لأحد على ولدها وإن كان الأب معتقا. (قوله: على الترتيب المتقدم) فتقدم عصبة المعتق النسبية بنفسها على عصبته السببية أعني معتق المعتق، ومعتقه وهكذا فيقدم ابن المعتق ثم ابنه، وإن سفل، ثم أبوه ثم جده، وإن علا إلخ ثم معتق المعتق ثم عصبته على الترتيب المذكور، ثم معتق معتق المعتق ثم عصبته وهكذا ابن كمال [تنبيه] ابن وبنت اشتريا أبيهما فاشترى الأب عبدا وأعتقه فمات بعد موت الأب عن الابن والبنت فالكل للابن لأن عصبة المعتق النسبية مقدمة على البنت لأنها عصبة سببية سائحاني وكذا لو اشترت أباها فعتق عليها ومات عنها وعن بنت أخرى وترك مالا فثلثاه لهما فرضا والباقي للأولى تعصيبا (قوله: «الولاء لحمة») أي وصلة كلحمة النسب، أخرجه ابن جرير في التهذيب من حديث عبد الله بن أبي أوفى بسند صحيح، وصححه ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر قال السيد: ومعنى ذلك أن الحرية حياة للإنسان إذ بها تثبت صفة المالكية التي امتاز بها عن سائر ما عداه من الحيوانات والجمادات والرقية تلف وهلاك فالمعتق سبب لإحياء المعتق، كما أن الأب سبب لإيجاد الولد وكما أن الولد منسوب إلى أبيه بالنسب، وإلى أقربائه بتبعيته، كذلك المعتق ينسب بالولاء يعني إلى المعتق، وإلى أقربائه بتبعيته فكما يثبت الإرث بالنسب كذلك يثبت بالولاء ا هـ. وفيه تنبيه على أن هذا الحديث إنما يدل على مجرد أن من له الولاء من مولى العتاقة أو عصبته فهو وارث دون أمر زائد عليه من كون الإرث من الجانبين كما في النسب نحو إرث الأب ابنه، وبالعكس أو من أحدهما ويشعر بأن من له الولاء عصبة لتضمنه تشبيهه بالأب من حيث هو أب ولا يدل على أنه آخر العصبات وتمامه في شرح ابن الحنبلي، فالأولى زيادة ما ذكره العلامة قاسم من قوله صلى الله عليه وسلم: «الميراث للعصبة فإن لم تكن عصبة فللمولى» رواه سعيد بن منصور من حديث الحسن (قوله: وإذا ترك المعتق) بفتح تاء المعتق اسم مفعول (قوله: وقال أبو يوسف للأب السدس) هو قوله الأخير، وقوله الأول كقولهما وجه قوله الأخير أن الولاء كله أثر الملك فيلحق بحقيقة الملك، ولو ترك المعتق بالكسر مالا وترك أبا وابنا كان لأبيه سدس ماله والباقي لابنه فكذا إذا ترك ولاء والجواب أنه وإن كان أثرا للملك لكنه ليس بمال ولا له حكم المال كالقصاص الذي يجوز الاعتياض عنه بالمال، بخلاف الولاء فلا تجري فيه سهام الورثة بالفرضية كما في المال، بل هو سبب يورث به بطريق العصوبة، فيعتبر الأقرب فالأقرب والابن أقرب العصبات، وتمامه في شرح السيد (قوله: على الترتيب المتقدم) أي بناء على الترتيب المتقدم في العصبات النسبية (قوله: وليس هنا إلخ) محترز قوله بنفسه. مطلب في الكلام على حديث: «ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن» (قوله: الحديث) لفظه كما في السراجية «ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن أو كاتبن أو كاتب من كاتبن أو دبرن أو دبر من دبرن أو جر ولاء معتقهن أو معتق معتقهن» ومعناه: ليس للنساء من الولاء شيء إلا ولاء ما أي العبد الذي أعتقنه، أو ولاء ما أي العبد الذي أعتقه من أعتقنه، أو ولاء ما أي العبد الذي كاتبنه، أو ولاء ما كاتب من كاتبنه أو ولاء ما دبرنه أو ولاء ما دبره من دبرنه أو جر ولاء معتقهن، أو الولاء الذي هو مجرور معتق معتقهن وحذف من كل نظير ما أثبته من الآخر: أي ليس لهن من الولاء إلا ولاء ما أعتقن، أو ولاء من أعتقن أو كاتب أو دبر من أعتقن، أو ولاء ما كاتبن أو ولاء ما كاتب أو أعتق أو دبر من كاتبن أو ولاء ما دبرنه، أو ولاء ما دبر أو أعتق أو كاتب من دبرنه فكلمة ما المذكورة والمقدرة عبارة عن مرقوق يتعلق به الإعتاق، فإنه بمنزلة سائر ما يتملك مما لا عقل له كما في قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانهم} وكلمة من عبارة عمن صار حرا مالكا فاستحق أن يعبر عنه بلفظ العقلاء فعبر عن الأول بما وعن الثاني بمن وإن كانا حرين، لأن الأول متصرف فيه كسائر الأموال والثاني متصرف كسائر الملاك. وقوله: أو جر عطف على المستثنى المحذوف، وهو ولاء وولاء المذكور مفعوله ومعتقهن فاعله وهو على تقدير أن والمصدر المنسبك بمعنى اسم المفعول كما في قوله تعالى: {وما كان هذا القرآن أن يفترى} أي مفترى أو على تقدير موصوف حذف، وأقيمت صفته مقامه ووضع المظهر موضع المضمر، والتقدير ليس للنساء من الولاء إلا كذا وإلا أن جر أي مجرور معتقهن، أو الولاء جره معتقهن، وثم أوجه أخر لا تظهر وصورة ولاء مدبرهن: أن امرأة دبرت عبدا ثم ارتدت، ولحقت بدار الحرب وحكم بلحاقها وبحرية عبدها المدبر ثم أسلمت ورجعت إلى دار الإسلام، ثم مات المدبر ولم يخلف عصبة نسبية، فهذه المرأة عصبته وحكم مدبر هذا المدبر كذلك. فإذا حكم القاضي بحرية مدبرها بسبب لحاقها فاشترى عبدا ودبره، ثم مات ورجعت المرأة تائبة إلى دار الإسلام إما قبل موت مدبرها أو بعده، ثم مات المدبر الثاني ولم يخلف عصبة نسبية فولاؤه لهذه المرأة وقدمنا في كتاب الولاء في تصويره وجها آخر. وصورة جره معتقهن الولاء أن عبد امرأة تزوج بإذنها جارية قد أعتقها مولاها فولد بينهما ولد فهو حر تبعا لأمه وولاؤه لمولى أمه، فإذا أعتقت تلك المرأة عبدها جر ذلك العبد بإعتاقها إياه ولاء ولده إلى مولاته، حتى إذا مات المعتق ثم مات ولده وخلف معتقة أبيه فولاؤه لها وصورة جر معتق معتقهن الولاء أن امرأة أعتقت عبدا، فاشترى العبد المعتق عبدا وزوجه بمعتقة غيره فولد بينهما ولد فهو حر، وولاؤه لمولى أمه فإذا أعتق ذلك العبد المعتق عبده جر بإعتاقه ولاء ولد معتقه إلى نفسه ثم إلى مولاته هذا حاصل ما ذكروه في هذا المحل، وتمام الكلام على ذلك وشروط الجر يطلب من كتاب الولاء فراجعه. (قوله: وهو وإن كان فيه شذوذ إلخ) الشاذ هو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس، فإذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا، وإن لم يكن له مخالف فإن كان ممن يوثق بحفظه وإتقانه فمقبول لا يقدح فيه انفراده، وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به فإن لم يبعد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده، فحديث حسن وإلا فشاذ مردود هذا ما اختاره ابن الصلاح في تعريفه (قوله: لكنه تأيد إلخ) فقد روي عن عمر وعلي وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يورثون النساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن، أو كاتبن رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق والدارمي والبيهقي، وذكره رزين بن العبدي في مسنده بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ميراث الولاء للأكبر من الذكور ولا يرث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن» ا هـ. قاسم (قوله: فصار بمنزلة المشهور) الحديث المشهور هو الذي يكون في القرن الأول آحادا، ثم انتشر فصار في القرن الثاني ومن بعدهم متواترا ولما كان القرن الأول وهم الصحابة ثقات لا يتهمون صارت شهادتهم بمنزلة المتواتر حجة، حتى قال الجصاص إنه أحد قسمي المتواتر يعقوب (قوله: ثم شرع في الحجب إلخ) أي بعد بيان الوارثين من ذي فرض وعصبة، لأن منهم من يحجب بالكلية أو عن سهم مقدر إلى أقل منه، وهو لغة المنع مطلقا واصطلاحا منع من يتأهل للإرث بآخر عما كان له الولاء فخرج القاتل والكافر وشمل نوعي الحجب، لأن أئمتنا اصطلحوا على تسمية ما كان المنع لمعنى في نفسه ككونه رقيقا أو قاتلا محروما، وما كان المعنى في غيره محجوبا، وقسموا الحجب إلى حجب حرمان، وهو منع شخص معين عن الإرث بالكلية، لوجود شخص آخر وحجب نقصان، وهو حجبه من فرض مقدر إلى فرض أقل منه لوجود آخر فخرج انتقاص السهام بالعول وكذا انتقاص حصص أصحاب الفرائض بالاجتماع مع من يجانسهم عن حالة الانفراد كالزوجات مثلا، ثم حجب الحرمان يدخل فيمن عد الستة المذكورين متنا وحجب النقصان يدخل في خمسة فقط كما سيذكره الشارح (قوله: أي الأبوان) أي الأب والأم دون من فوقهما لأن كلا من الجد و الجدة قد يحجب حرمانا فهما من الفريق الآخر فافهم (قوله: والولدان) أي الابن والبنت وثناه للمناسبة وإلا فالولد يشمل الذكر والأنثى تأمل (قوله: سواء كانوا عصبات) وكذا من بمعنى العصبات كذوي الأرحام (قوله: وهو) أي حجب الحرمان في الفريق الثاني مبني على أصلين أي مترتب وجوده على وجود مجموعهما، فإذا وجدا أو أحدهما وجد وإلا فلا وفيه بحث يأتي قريبا (قوله: يحجب الأقرب) أي بحسب الدرجة أو القرابة والضمير في سواهم للستة المذكورين في المتن (قوله: اتحدا في السبب) كالجدات مع الأم وبنات الابن مع الصلبيتين أم لا كالإخوة مع الأب (قوله: من أدلى) الإدلاء لغة إرسال الدلو في البئر، ثم استعمل في كل شيء يمكن فيه، ولو بطريق المجاز فمعنى يدلي إلى الميت يرسل قرابته إليه بشخص والباء فيه للإلصاق، فالقرابة مشتركة بين المدلي والواسطة ط (قوله: كابن الابن إلخ) مثال من العصبات ومثله من أصحاب الفروض أم الأم لا ترث مع الأم [تنبيه] يرد على ما ذكره المصنف: لزوم حجب أم الأم بالأب لأنه أقرب منها وإن لم تدل به وكذا حجب بنت الابن بالبنت الواحدة الصلبية والأخت لأب بالأخت لأبوين وابن الأخ لأبوين بالأخ لأم، فإن أجيب بأن المراد الأقرب من العصبات ورد عليه أن هذين الأصلين للفريق الثاني الذين يرثون تارة ويحرمون أخرى، وفيهم العصبات وغيرهم، وإن أجيب بأن المراد أن الأقرب يحجب الأبعد إذا كان الأبعد مدليا بالأقرب فلا معنى لكونهما أصلين ولزم عليه أن يرث ولد الابن مع الابن الذي ليس بأبيه فإنه لا يدلي به أفاده السيد (قوله: بجهة واحدة) احتراز عما لو انفردت فإنها تستغرق التركة لكن بجهتي الفرض والرد (قوله: والمحروم) أي من قام به مانع عن الإرث لمعنى في نفسه (قوله: عندنا) وعليه عامة الصحابة وعن ابن مسعود أنه يحجب نقصانا لا حرمانا كالابن الكافر مثلا مع أحد الزوجين وعنه أيضا أنه يحجب الأخ لأم بابن كافر حجب حرمان (قوله: أصلا) أي لا نقصانا ولا حرمانا (قوله: ويحجب المحجوب) أي المحجوب حرمانا يحجب غيره حرمانا ونقصانا ومثل لكل بمثال (قوله: وتحجب أم أم الأم) كذا في بعض النسخ لتكرار الأم ثلاث مرات وفي بعضها مرتين والصواب الأول (قوله: بالأم) فإنها تحجب من الثلث إلى السدس بالولد وولد الابن وبالعدد من الإخوة أو الأخوات (قوله: وبنت الابن) تحجب مع الصلبية من النصف إلى السدس (قوله: والأخت لأب) تحجب مع الشقيقة من النصف إلى السدس (قوله: والزوجين) فالزوج يحجب من النصف إلى الربع والزوجة مع الربع إلى الثمن بالولد وولد الابن (قوله: ويسقط بنو الأعيان) قدمنا وجه تسميتهم بذلك (قوله: على أصول زيد) أي ابن ثابت الصحابي الجليل رضي الله عنه وحاصل أصوله: أن الجد مع الإخوة حين المقاسمة كواحد منهم إن لم تنقصه المقاسمة معهم عن مقدار الثلث عند عدم ذي الفرض، وعن مقدار السدس عند وجوده وله في الأولى أفضل الأمرين من المقاسمة ومن ثلث جميع المال وضابطه أنه إن كان معه دون مثليه، فالمقاسمة خير له أو مثلاه فسيان أو أكثر فالثلث خير له وصور الأول خمس فقط جد وأخ أو أخت أو أختان أو ثلاث أخوات أو أخ وأخت والثاني ثلاثة جد وأخوان أو أربع أخوات أو أخ وأختان والثالث لا ينحصر وله في الثانية بعد إعطاء ذي الفرض فرضه من أقل مخارجه خير أمور ثلاثة إما المقاسمة كزوج وجد وأخ للزوج النصف والباقي بين الجد والأخ وإما ثلث الباقي كجدة وجد وأخوين وأخت للجدة السدس وللجد ثلث الباقي وإما سدس كل المال كجدة وبنت وجد وأخوين للجدة السدس وللبنت النصف وللجد السدس لأنه خير له من المقاسمة ومن ثلث الباقي وتمامه في شرحنا الرحيق المختوم وغيره. (قوله: كما هو مذهب أبي حنيفة) وهو مذهب الخليفة الأعظم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو أعلم الصحابة وأفضلهم، ولم تتعارض عنه الروايات فيه فلذلك اختاره الإمام الأعظم بخلاف غيره فإنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه قضى في الجد بمائة قضية يخالف بعضها بعضا والأخذ بالمتفق عليه أولى: وهو أيضا قول أربعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ألا يتقي الله زيد يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أبا وتمامه في سكب الأنهر (قوله: وعليه الفتوى إلخ) قال في سكب الأنهر وقال شمس الأئمة السرخسي في المبسوط: والفتوى على قولهما وقال حيدر في شرح السراجية إلا أن بعض المتأخرين من مشايخنا استحسنوا في مسائل الجد الفتوى بالصلح في مواضع الخلاف، وقالوا إذا كنا نفتي بالصلح في تضمين الأجير المشترك لاختلاف الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فالاختلاف هنا أظهر فالفتوى فيه بالصلح أولى ا هـ. ومثله في المبسوط وسبب اختلافهم في ذلك عدم النص في إرث الجد مع الإخوة من كتاب أو سنة، وإنما ثبت باجتهاد الصحابة رضي الله تعالى عنهم بعد اختلاف كثير، وهو من أشكل أبواب الفرائض ا هـ. لكن المتون على قول الإمام ولذا أشار الشارح إلى اختياره هنا وفيما سبق. (قوله: أي ببني الأعيان) أي الذكور منهم كما هو صريح العبارة، حيث عبر ببني ولم يعبر بأولاد، بخلاف ما تقدم حيث فسر بني الأعيان بالإناث أيضا تغليبا لقبول المقام له أما هنا فلا يقبله فإن أولاد العلات لا يسقطون بالأخوات لأبوين ويدل عليه قوله: وكذا بالأخت إلخ ا هـ. ح قلت: نعم لكن قد يسقط بعض أولاد العلات بالإناث من بني الأعيان كالأخوات لأب يسقطن بالأختين لأبوين ما لم يعصبهن أخ لأب كما سيأتي وعبارة السراجية أوضح ونصها وبنو الأعيان وبنو العلات كلهم يسقطون بالابن وابن الابن وإن سفل وبالأب بالاتفاق، وبالجد عند أبي حنيفة ويسقط بنو العلات أيضا بالأخ لأب وأم ا هـ. ويؤخذ منه أن الأخت لأب تسقط بالأخ لأب وأم كما قدمنا التصريح به عن كشف الغوامض وتحفة الأقران (قوله: أيضا) كان المناسب ذكره بعد قوله وبهؤلاء (قوله: والجد) أي على الخلاف المار (قوله: إذا صارت عصبة) أي مع البنات أو مع بنات الابن وإنما سقطوا بها لأنها حينئذ كالأخ في كونها عصبة أقرب إلى الميت ا هـ. سيد (قوله: ويسقط بنو الأخياف) الخيف اختلاف في العينين وهو أن تكون إحداهما زرقاء والأخرى كحلاء وفرس أخيف ومنه الأخياف، وهم الإخوة لآباء شتى يقال إخوة أخياف وأما بنو الأخياف فإن قاله متقن فعلى إضافة البيان ا هـ. مغرب. (قوله: بالولد إلخ) أي ولو أنثى فيسقطون بستة بالابن والبنت وابن الابن وبنت الابن والأب والجد ويجمعهم قولك الفرع الوارث والأصول الذكور وقد نظمت ذلك بقولي: ويحجب ابن الأم أصل ذكر كذاك فرع وارث قد ذكروا (قوله: بالإجماع) مرتبط بقوله والجد أي بخلاف بني الأعيان والعلات ففي سقوطهم به الخلاف المار (قوله: لأنهم من قبيل الكلالة) علة لسقوطهم بمن ذكر بيانه أن قوله تعالى: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت} الآية المراد به أولاد الأم إجماعا ويدل عليه قراءة أبي وله أخ أو أخت من الأم وقد اشترط في إرث الكلالة عدم الولد والوالد إجماعا فلا إرث لأولاد الأم مع هؤلاء ثم لفظ الكلالة في الأصل بمعنى الإعياء، وذهاب القوة ثم استعير لقرابة من عدا الولد والوالد كأنها كالة ضعيفة بالقياس إلى قرابة الولاد، ويطلق أيضا على من لم يخلف ولدا ولا والدا وعلى من ليس بولد ولا والد من المخلفين هذا حاصل ما ذكره السيد. (قوله: وتسقط الجدات إلخ) الأصل أن لكل من اتحاد السبب، والإدلاء تأثيرا في الحجب فأم الأب تحجب به للإدلاء فقط وبالأم لاتحاد السبب وهو الأمومة وأم الأم ترث مع الأب لانعدام المعنيين، وتحجب بالأم لوجودهما واعلم أن الأب لا يرث معه إلا جدة واحدة من قبل الأم لأن الأبويات يحجبن به والأميات الصحيحات لا يزددن على واحدة أبدا، وأما الجد فترث معه واحدة أبوية وهي أم الأب أو من فوقها كأم أم الأب وإذا بعد بدرجتين كأبي أبي الأب ترث معه أبويتان إحداها أم أبي الأب أو من فوقها كأم أم أبي الأب، والثانية أم أم الأب، أو من فوقها كأم أم أم الأب وتمامه في شرحنا الرحيق المختوم (قوله: لأنها ليست من قبله) أي لم تدل به وأيضا لم يوجد اتحاد السبب، لأن جهته الأبوة وجهتها الأمومة (قوله: بل هي زوجته) هذا ظاهر إذا كانت في درجته فلو أعلى منه، فهي أم زوجته أو جدتها أو أجنبية عنها (قوله: من أي جهة كانت) أي من جهة الأم أو الأب قوله: كذلك) أي من أي جهة كانت فالصور أربع: قربى من جهة الأم تحجب البعدى من الجهتين قربى من جهة الأب تحجب البعدى من الجهتين. (قوله: كما قدمناه) عند قوله ويحجب المحجوب (قوله: وقد قدم إلخ) أراد الاستدلال على أن المتن لو كان أم الأب لحجبت غيرها ولم يتأت الخلاف بين محمد وصاحبيه ا هـ. ح (قوله: فهذه المرأة جدته لأبويه) أي جدة لهذا الولد الذي مات من قبل أبيه لأنها أم أب أبيه ومن قبل أمه لأنها أم أم أمه ثم نقول هناك امرأة أخرى قد كان تزوج بنتها ابن المرأة الأولى فولد من بنت الأخرى ابن ابن الأولى الذي هو أبو الميت فهذه الأخرى أم أم أبي الميت فهي ذات قرابة واحدة منح (قوله: وبه جزم في الكنز) قال في الدر المنتقى: فكان هو المرجح وإن اقتضى صنيع المصنف خلافه فليتنبه له. وأصل هذا أن الترجيح بكثرة العلة لا يجوز على ما عرف في الأصول ثم الوضع في ذات قرابتين اتفاقي لإمكان الزيادة إلى غير نهاية وعند أبي يوسف يقسم أنصافا مطلقا وعند محمد باعتبار الجهات وإن كثرت فليحفظ ا هـ. (قوله: والأخوات) الواو بمعنى أو لأن المستكمل أحد الصنفين لا مجموعهما أفاده ط (قوله: سقط إلخ) لف ونشر مرتب (قوله: أو أخ) أي لأب (قوله: وفي إطلاقه) أي المصنف تبعا للمجمع، ويجاب كما في غرر الأفكار بأن قوله مواز أو سافل صفة لابن ابن دون الأخ، لأنه لا يصح وصف الأخ بالنزول أي فإن ابن الأخ لا يسمى أخا بخلاف ابن الابن، فإنه يطلق على من في الدرجة الثانية ومن دونها نعم كان حقه كما قال العلامة قاسم أن يقدم الأخ على ابن الابن (قوله: لتصريحهم إلخ) حاصله كما في السراجية والملتقى أن من لا فرض لها من الإناث وأخوها عصبة لا تصير عصبة بأخيها وقدمناه منظوما (قوله: لأنها من ذوي الأرحام) أي الأخت في هذه الصور، لكن بنت المعتق ليست من ذوي أرحام الميت، فالمراد من عداها وإنما لا يعصبها أخوها لأنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن وعبر بذوي ولم يقل ذوات تغليبا للذكور على الإناث كما في قوله تعالى: {وكانت من القانتين} (قوله: من مثله) أي في الدرجة كأخته أو بنت عمه (قوله: أو فوقه) كعمته (قوله: أو فإنه يعصب من مثله أو فوقه إلخ) هذا ظاهر الرواية وعند بعض المتأخرين لا يعصب من فوقه، وإلا صار محروما لأن الأصل في إرث العصبة أن يقدم الأقرب، ولو أنثى على الأبعد ولذا تقدم الأخت على ابن الأخ إذا صارت عصبة مع البنت والجواب أن من فوقه إنما صارت عصبة به، ولولاه لم ترث شيئا فكيف تحجبه، وانظر ما أجاب السيد قدس سره (قوله: ذات سهم) أي فرض. (قوله: لا يوازيها أحد) لانتمائها إلى الميت بواسطة واحدة وليس في هؤلاء البنات من هو كذلك (قوله: فلها النصف) لأنها قامت بنت مقام بنت الصلب عند عدمها (قوله: توازيها العليا من الفريق الثاني) لأن كلا منهما يدلي إلى الميت بواسطتين، وأما السفلى من الفريق الأول فتوازيها الوسطى من الفريق الثاني والعليا من الفريق الثالث لأن كل واحدة منهن تدلي إلى الميت بثلاث وسائط، وأما السفلى من الفريق الثاني فتوازيها الوسطى من الفريق الثالث لانتماء كل منهما إليه بأربع وسائط، وأما السفلى من الفريق الثالث فلا يوازيها أحد، لأنها تدلي بخمس وسائط وليس في هذه البنات من هو كذلك (قوله: فيكون لهما السدس إلخ) وذلك لأن العليا من الأول لما قامت مقام الصلبية قام من دونها بدرجة واحدة مقام بنات الابن. (قوله: ولا شيء للسفليات) وهي الست الباقية من البنات التسع، لأنه قد كمل الثلثان لتلك الثلاث، فلم يبق للباقيات فرض وليس لهن عصوبة قطعا فلا يرثن من التركة أصلا (قوله: إلا أن يكون إلخ) فإن كان الغلام مع السفلى من الفريق الأول أخذت العليا منهم النصف، وأخذت الوسطى منهم مع العليا من الفريق الثاني السدس ويكون الثلث الباقي بين الغلام، و بين السفلى من الأول والوسطى من الثاني والعليا من الثالث للذكر مثل حظ الأنثيين أخماسا، وسقط سفلى الثاني ووسطى الثالث وسفلاه، وإن كان الغلام مع السفلى من الفريق الثاني كان ثلث الباقي بينه وبين سفلى الأول، ووسطى الثاني وسفلاه، وعليا الثالث، ووسطاه أسباعا للذكر مثل حظ الأنثيين. وسقطت سفلى الثالث، وإن كان مع السفلى من الفريق الثالث كان الثلث الباقي بين الغلام وبين السفليات الست أثمانا، وإن فرض الغلام مع العليا من الفريق الأول كان جميع المال بينه وبين أخته للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء للسفليات وهن ثمان وإن فرض مع وسطى الأول، فتأخذ عليا الأول النصف والباقي للغلام مع من يحاذيه وهي وسطى الأول وعليا الثاني للذكر مثل حظ الأنثيين. وكذا الحال إذا فرض مع عليا الثاني وأما تصحيح المسائل في جميع هذه الصور فعلى ما ستحيط به فيما بعد فلا حاجة إلى إيراده هنا واعلم أن ذكر البنات على اختلاف الدرجات كما ذكر في الكتاب يسمى مسألة التشبيب لأنها بدقتها وحسنها تشحذ الخواطر وتميل الآذان إلى استماعها فشبهت بتشبيب الشاعر القصيدة لتحسينها واستدعاء الإصغاء لسماعها ا هـ. من شرح السيد (قوله: ممن لا تكون صاحبة فرض) أما من كانت صاحبة فرض فإنها تأخذ سهمها، ولا تصير به عصبة وهي العليا من الفريق الأول التي أخذت النصف والوسطى منه مع العليا من الفريق الثاني حيث أخذتا السدس، وهذا قيد معتبر فيمن كانت فوقه دون من كانت بحذائه فإنه يعصبها مطلقا سيد (قوله: وسقط السفليات) أي اللاتي تحته في الدرجة (قوله: وعبارة السيد إلخ) أي فكان على المصنف أن يقول كذلك ولا سيما مع قوله بعد ويقتسمان الباقي (قوله: هو أخ لأم) كأن تزوجت بأخوين فجاءت من كل بولد وللأخوين ولد أخ آخر من غيرها فمات أحد ولديها عن أخيه الذي هو ابن عمه وعن ابن عمه الآخر (قوله: وكذا لو كان الآخر زوجا) الأوضح أن يقول: وكذا لو كان أحدهما أي أحد ابني عمها زوجها ط. (قوله: ويقتسمان الباقي) وهو خمسة أسداس في الأولى والنصف في الثانية ط (قوله: حيث لا مانع من إرثه بهما) احتراز عما لو كان للميت بنت في الأولى فإن لها النصف وتحجب ابن العم عن السدس من حيث كونه أخا لأم، ويشترك هو وابن العم الآخر في الباقي وعما لو كان للزوجة في الثانية أخت شقيقة فإن لها النصف والنصف الآخر للزوج فرضا ولا شيء له كابن العم الآخر من حيث بنوة العم (قوله: بجهتي فرض وتعصيب) فجهة الفرض الزوجية والأخوة لأم وجهة التعصيب كونه ابن عم ط (قوله: وأما بفرض) أي وأما الإرث بفرض وتعصيب ط (قوله: بجهة واحدة) وهي الأبوة ط (قوله: فليس إلا الأب وأبوه) أي مع البنت أو بنت الابن كما تقدم، واسم ليس ضمير عائد على الإرث بالفرض والتعصيب، وقوله: إلا الأب أي إلا إرث الأب على تقدير مضاف حذف، وأقيم المضاف إليه مقامه وهذا على حد قولهم ليس الطيب إلا المسك في جواز الرفع والنصب في المسك على الخلاف المشهور فتنبه (قوله: وقد يجتمع جهتا تعصيب) أي من غير نظر للإرث بهما لأنه هنا بإحداهما لتقديم جهة البنوة على جهة العمومة وجهة الولاء (قوله: وقد يجتمع جهتا فرض) صورته نكح مجوسي بنته واستولدها فالولد بن لهذه المرأة وأخ لها فإذا مات عنها مات عن أمه وأخته فترث بالجهتين ط. (قوله: وإنما يتصور في المجوس) أقول: تقدم في كتاب الحدود أن من شبهة المحل وطء محرم نكحها، وأنه يثبت فيها النسب على ما حرره في النهر فراجعه ثم رأيت في سكب الأنهر قال: وإنما يتصور ذلك في نكاح المجوسي وفي وطء الشبهة في المسلمين وغيرهم ولا يتصور في نكاح المسلمين الصحيح ا هـ. وسيأتي تمامه (قوله: وعند الشافعي بأقوى الجهتين) وهي التي يرث بها على كل حال، فإن مات ابن وترك أما هي أخته ترث عندنا بالجهتين الثلث بجهة الأمية والنصف بجهة الأختية، وأما عنده فترث بجهة الأمية لا غير، كما في غرر الأفكار (قوله: يشرك بين الصنفين الأخيرين) أي أولاد الأم والإخوة لأبوين، ولذا سميت مشركة بفتح الراء أو بكسرها على نسبة التشريك إليها مجازا (قوله: وكذلك يفرض مالك والشافعي) وكذا أحمد على ما ذكره الشنشوري خلافا لما ذكره الشارح، وهو قول أبي يوسف ومحمد وتسمى هذه المسألة الأكدرية لأنها كدرت على زيد مذهبه. (قوله: فتعول إلى تسعة) للزوج ثلاثة وللأم اثنان وللجد واحد، وللأخت ثلاثة لكن لما كانت الأخت لو استقلت بما فرض لها لزادت على الجد ردت بعد الفرض إلى التعصيب بالجد، فيضم إلى حصتها حصته، ويقتسمان الأربعة بينهما ثلاثا للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن المقاسمة خير له من سدس جميع المال ومن ثلث الباقي وتصح من سبعة وعشرين وتمامه في سكب الأنهر (قوله: تسقط الأخت) فللزوج النصف وللأم الثلث، والباقي للجد وأصلها من ستة ومنها تصح (قوله: على المفتى به) أي من قول الإمام بسقوط بني الأعيان والعلات بالجد خلافا لهما (قوله: كما مر) أي في الحجب والله تعالى أعلم.
|